
كنت احد المتابعين للمحاكمة عبر التلفاز وكان شعوري اعتقد هو نفس شعور غالبية سكان عدن واليمن الديمقراطي بالفخر و الاعتزاز عندما نشاهد محاكمة مجرمين حقيقيين وكانت المحامية راقية حميدان تحاول استجواب احد المتهمين وكانت المحكمة قد اسندت اليها تكليف كمحامية عن المتهم وهو اسمه دهمس لكي تحصل منه على اي افادات قد تساعدها في الترافع للدفاع عنه فكانت توجه الاسئلة اليه بشتى الطرق وبالحاح ولا تحصل منه على اي شيئ يفيد لاستخدامه في الدفاع كونه كان قد اعترف بتورطه بما تم اتهامة كشريك رئيسي و فاعل في العصابة حتى ان العصابة اطلق عليها الاعلام حينذاك اسم عصابة دهمس فقالت له مستجدية ( ركز معي يادهمس!!) فرد عليها مبتسما ( قدنا مركز معك من الصبح) فضجت قاعة المحكمة بالضحك . تخيلوا اعزائي واصدقائي عندما يمكن تطبيق القانون وفي جو يسوده المرح المتسق مع نشوة نجاح رجل الامن في كشف الجريمة قبل وقوعها والقبض على المجرمين ومحاكمتهم علنياوشعور المواطن بانه في ايدي امينة تسهر على حمايته من اي جرائم قد ترتكب . هل يحتاج ذلك الى قوة عسكرية خارقة ام فقط يحتاج الى دولة صادقة ورجال امن مخلصين لوطنهم ولا يحتاج الامر الى عنتريات ومظاهر كذابة لا تكاد تنجح الا في الاستقواء على الضعفاء والابرياء من الناس.
لا ادري لماذا جاءت في بالي هذه. الخاطرة لكن ربما لانني كغيري من المواطنين من عشاق العدالة وكنت من الذي تعتريهم نشوة عارمة عندما يتم القبض على المجرم ويواجه بجريمته امام مرأى ومسمع الجمهور.، وصرت اتوق لكي اشاهد العدالة مجددا في مثل تلك المواقف التي لم نعد نلمسها وتبدل امننا خوفا وهلعا من المجهول اذ كانت تلك الحادثة وغيرها ترتبط و تعبر عن وجود دولة ورجال شرفاء من اجل المواطن.. هل ستوجد عدالة مثل تلك التي كانت في عهد اليمن الديمقراطية التي كانت تهز دول الجوار ولا تخشى الصغير او الكبير منهم.
في قضية اخرى لم تشفع الحصانة الدبلوماسية لقتلة الدكتور توفيق رشدي عراقي الجنسية المحاضر في جامعة عدن في منزلة من قبل بعض منتسبي السفارة العراقية ولم تمنع الوساطات والضغوط الدبلوماسية على حكومة اليمن الديمقراطية من ان يحاكموا علنيا ببث متلفز.
اتذكر تلك اللحظات و اشعر بمرارة والم على الوضع الذي وصلنا اليه اليوم حين يسرح ويمرح القتلة والمجرمين في كل مكان بينما يزج بالابرياء في السجون... كان ذلك الزمن هو زمن الشرفاء الذي لا يعرف عنه هذا الجيل شيئا واصبح يعيش و يعتاد على الفوضى والجرائم التي اصبحت جزء من الحياة اليومية في زمن الانذال.
اشهد وسجل يا تاريخ.
